هل وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك هي السبب في ارتفاع الأسعار؟

هل وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك هي السبب في ارتفاع الأسعار؟

مع كل ارتفاع لسعر صرف الدولار مقابل الليرة السورية، تشهد البلاد موجة غلاء جديدة فترتفع الأسعار لتلقي بثقلها على كاهل المواطن السوري ليبدأ بالتساؤل…لماذا هذا الغلاء؟ من أين نأتي بالمال الكافي لنسد به رمق الحياة؟ أين هي مؤسسات الدولة؟ وأين هم من يعتبرون أنفسهم معنيون بحالة المواطن؟

بمكان معين في أحد شوارع دمشق يوجد وزارة تسمي نفسها وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، تدعي بأنها الجهة المسؤولة عن حماية الوضع المعيشي للمواطن السوري وأنها تعمل ليلاً ونهار لتقوم بواجبها على أكمل وجه، ولكن السؤال هل ما تدعيه الوزارة صحيح؟

في ظل الارتفاع الجنوني للأسعار وارتفاع أصوات الشعب السوري معها، تخرج وزارة التجارة في كل مرة بتصاريح تختلف في الصياغة ولكنها تجتمع بالمعنى الذي يفيد بأن التجار هم السبب في ارتفاع الأسعار وبأن مديرية التجارة في كل محافظة تعمل على تسيير الدوريات بشكل يومي لضبط الأسعار.

ولكن إذا قمت بجولة ضمن الأسواق فلن تجد أي أثر لادعاءات الوزارة بشأن الدوريات التي هدفها ضبط الأسعار، والمفاجأة الأكبر هي أنك لن تجد لدى التجار أي خوف من أي موظف وعدت الوزارة بإرساله، لأنهم ببساطة يعرفون بأن الموظف له تسعيرته ومن أرسله له تسعيرته أيضاً.

ما بين واقع سيء مفروض على بعض التجار وجشع البعض الآخر من التجار، يتحمل المواطن السوري الفاتورة كاملة، فعندما يكون التاجر مجبراً على دفع مبالغ مالية لدوريات التموين الفاسدة التي لن تسمح له بالعمل إن لم يدفع لها فسوف تضاف هذه المبالغ إلى فاتورة التكلفة وبالتالي ترتفع أسعار سلعة لولا الوزارة المعنية بضبط سعرها لكان سعرها أقل، وعندما يكون التاجر جشعاً وطماعاً فسوف يرى بأسواق تتحكم بها عصابة من الفاسدين مكاناً خصباً لينشط به فتبدأ عمليات الاحتكار والمضاربة على السلع الأساسية والابتزاز بسلع لا يستطيع المواطن الاستغناء عنها وخاصة حاجيات الأطفال، لنكون بذلك ضمن منظومة متكاملة من الفساد الخلاق التي لطالما كانت السبب بارتفاع مستوى الفقر في سوريا.

لا يوجد شخص يعرف الوضع الاقتصادي السوري يستطيع القول بأن ارتفاع الأسعار لا علاقة له بالفساد المنتشر ضمن مؤسسات الدولة، ولكن ربما سوف يقول البعض بأن لارتفاع سعر الدولار تأثير أيضاً…فهل هذا صحيح؟ وإن كان صحيح فما هو تأثيره؟

أليس من الغريب أن يكون ارتفاع سعر الدولار هو كارثة ساحقة بالنسبة لشريحة من السوريين وأمر عادي بالنسبة لشريحة ثانية، بمعنى إذا كان ارتفاع سعر الدولار هو سبب ارتفاع الأسعار، لماذا لا يعاني من هذا الارتفاع إلا شريحة الفقراء من الشعب السوري؟

ربما يكون لارتفاع سعر الصرف تأثيره على الواقع الاقتصادي ولكن لو كانت سوريا دولة مؤسسات، ولو كانت المؤسسات الفاسدة تعمل بطريقة نظيفة لكان تأثير ارتفاع سعر الصرف محدود وربما لن يلاحظه الكثير من السوريين، فمهما كانت الحاجة للدولار كبيرة في سوريا يبقى استعماله أقل بكثير من استعمال الليرة السورية، خاصة في ظل وجود قوانين تمنع تماماً التعامل بغير الليرة السورية، ولذلك لا يمكن أن يكون ارتفاع سعر الدولار هو السبب بارتفاع الأسعار وخاصة أسعار المواد المحلية الغير مستوردة، ولكنه شماعة ممتازة يستعملها البعض ليعلق عليها ادعاءاته ويغطي بها فساده أو فشله الزريع.

الدفع

USD