ما هي أسباب الارتفاع الأخير لأسعار المحروقات في سوريا؟

أسعار المحروقات في سوريا

تعتبر أزمة المحروقات في سوريا جزء مؤثر جداً من أزمة البلاد المستمرة منذ حوالي 10 سنوات. فجميع مفاصل الحياة في سوريا ترتبط بالمحروقات والمشتقات النفطية. وفي حال غيابها سوف يتعطل النقل والسير وبالتالي الحياة الاقتصادية والاجتماعية بشكل عام. وبسبب انخفاض موارد الحكومة من النفط بشكل كبير. ارتفعت أسعار المشتقات النفطية بشكل متكرر وتم تقنينها وتوزيعها على المستهلكين بحسب مخصصاتهم باعتماد البطاقة الإلكترونية. ومنذ بداية الأزمة وحتى اليوم ارتفعت أسعارها في سوريا عدة مرات بفترات زمنية متقاربة.

مثلاً عندما رفعت مؤخراً وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك أسعار البنزين والغاز المنزلي في 15 آذار/مارس أصبح سعر مبيع البنزين أوكتان 95 للمستهلك 2000 ليرة سورية لليتر الواحد. أما سعر البنزين أوكتان 90 للكميات المخصصة على البطاقة الإلكترونية (مدعوم وغير مدعوم) 750 ليرة سورية لليتر الواحد. وهذه الزيادة بالأسعار سبقتها زيادة مماثلة قبل نحو شهرين حددت سعر ليتر البنزين المدعوم 475 ليرة، وغير المدعوم إلى 675 ليرة. كما تضمن قرار الوزارة رفع سعر أسطوانة غاز البوتان المنزلي وزن 10 كغ للمستهلك ليصبح 3850 ليرة سورية، بعد أن كان سابقاً 3000 ليرة سورية.

وبعد شهر واحد فقط بتاريخ 15 نيسان/أبريل أصدرت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك قرار يقضي برفع سعر البنزين الأوكتان 95 من 2000 ليرة إلى 2500 ليرة. وفي القرار طلبت الوزارة من أصحاب محطات الوقود الإعلان عن أسعار ونوعية مادة البنزين بشكل واضح ومقروء ضمن المحطة. وأضافت بأن من يخالف القرار سوف يخضع لعقوبات قانون حماية المستهلك الجديد. والذي يتضمن عقوبات السجن والغرامة بحق المخالفين.

لماذا ارتفعت أسعار المحروقات في سوريا؟

بعد أن كانت سوريا من البلدان المصدرة للنفط. أصبحت مستوردة وهذا أمر طبيعي بعد أن دمرت الحرب البنية التحتية للبلاد بشكل شبه كامل. وباعتبار سوريا تحولت من تصدير النفط إلى استيراده فمن المؤكد بأن هذا التحول سوف ينعكس سلباً على أسعار المحروقات وعلى تواجدها في سوريا. فبعد خروج معظم حقول النفط في سوريا عن سيطرة الحكومة السورية. أصبحت الحكومة تشتري النفط من مصدرين (الإدارة الذاتية التي تسيطر على حقول النفط السورية وإيران)، ولعدة اعتبارات سياسية وجغرافية فرضتها طبيعة المنطقة لم ينقطع النفط عن الحكومة السورية أبداً.

فعندما كان ينقطع النفط الإيراني كانت الحكومة تستورد النفط من الإدارة الذاتية. حيث أن الطبيعة الجغرافية والحدودية لأماكن سيطرة الإدارة الذاتية تفرض عليها البيع لجهة من اثنين الحكومة السورية أو تركيا. وبسبب وجود عداء سياسي وعسكري بين الإدارة الذاتية وتركيا. اعتمدت الإدارة الذاتية بيع النفط للحكومة السورية عن طريق وسطاء. ولكن النفط المستورد من مناطق سيطرة الإدارة الذاتية لا يغطي حاجة الشعب والحكومة السورية، ولذلك تم تخصيصه للحكومة بينما يوزع النفط الإيراني على المحطات ليتم بيعه فيما بعد للسوريين. ولذلك كانت تصل أزمة المحروقات إلى ذروتها في كل مرة كان ينقطع فيها النفط الإيراني عن سوريا. حيث أن النفط الإيراني ينقطع بشكل متكرر لأسباب أحياناً تتعلق بإمكانية وصول الناقلات مثلما حصل عندما أغلقت قناة السويس. أو لأسباب اقتصادية تتعلق بعدم قدرة الحكومة السورية على دفع ثمن النفط.

ما المستجدات التي دفعت الحكومة مؤخراً لزيادة أسعار المحروقات بشكل متكرر وتخفيض كمية المخصصات؟

حالة الانهيار التي وصل إليها الاقتصاد السوري. دفع سعر الدولار للوصول إلى مستويات قياسية مرتفعة. الأمر الذي أدى لارتفاع أسعار المواد والسلع واستياء شعبي كبير في فترة تعتبر حساسة جداً بالنسبة للحكومة. ولذلك اتخذت الحكومة عدة إجراءات لتخفيض سعر الدولار من ضمنها تقليل الحاجة للدولار في السوق السورية عبر منع أو تقنين المستوردات. ومن المستوردات التي تم تقنينها النفط، فتم تخفيض كمية النفط المستورد بالإضافة لرفع أسعار المشتقات النفطية وتقليل مخصصات المواطنين منها.

سوق سوداء للمشتقات النفطية:

ارتفاع أسعار المشتقات النفطية بالإضافة لغيابها عن المحطات في كثير من الأوقات صنع سوق سوداء في سوريا تباع فيها المشتقات النفطية. فأصبحت الأسعار ترتفع وتنخفض بناءً على الحاجة للمادة ووجود المادة لدى الحكومة السورية أو انعدامها. ويعتبر التهريب من أهم الطرق المنعشة لتجارة المشتقات النفطية والوقود الحر، حيث يقوم المهربون بإحضار الوقود من لبنان أو مناطق الإدارة الذاتية وأحياناً الأردن وبيعه في مناطق سيطرة الحكومة السورية بأسعار تصل لأضعاف السعر الرسمي مستغلين حاجة المواطن للمشتقات النفطية.

كيف أثرت أزمة المشتقات النفطية على الحياة الاقتصادية في سوريا؟

المشتقات النفطية من المواد المرتبطة بتفاصيل الحياة الاقتصادية. ومن المؤكد بأن أي أزمة بالمشتقات النفطية سوف يكون لها انعكاسات مباشرة على الاقتصاد والأعمال في سوريا. فمثلاً ارتفاع أسعار البنزين أو المازوت سوف يرفع تكاليف نقل البضائع من مكان الإنتاج إلى الأسواق. وهذا من شأنه أن يؤدي لارتفاع أسعار السلع والمنتجات. كما أن ارتفاع أسعار المشتقات النفطية يسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج في المصانع وهذا أيضاً يسبب ارتفاع بالأسعار.

الدفع

USD