ما هي أسباب الإنهيار الأخير لليرة السورية؟

ما هي أسباب الإنهيار الأخير لليرة السورية؟

لاحظ الجميع في الآونة الأخير حدوث انهيار سريع لليرة السورية، وسط صمت حكومي تام، بالإضافة لعدم المبادرة بأي تحرك من الدول الداعمة للنظام لمحاولة وقف انهيار العملة، فما الذي يحدث خلف الكواليس؟ ولماذا هذا الصمت الحكومي وعدم محاولة التدخل في السوق؟ وإلى أين تتجه العملة السورية المنهارة؟… أسئلة منطقية يفرضها الواقع الاقتصادي للسوريين، ولكن للإجابة عليها يجب العودة للوراء قليلاً وتوسيع زاوية النظر.

من المعروف بأن الوضع الاقتصادي في سوريا مرتبط بوضع سياسي عسكري معقد، ولا يمكن فهم ما الذي يحدث في الاقتصاد بدون النظر لما يحدث في المجالين العسكري والسياسي، فقد لاحظ الجميع في الفترة الماضية بأن الأوضاع تأخذ اتجاه سيء وربما تحدث الحرب في أي لحظة، فترامب الذي انتهت فترة ولايته لم تنتهي أوراقه بعد، خاصة في ظل التخوف الإسرائيلي من عودة جو بايدن للاتفاق النووي مع إيران، وهذا التخوف قد يدفع الإسرائيليين لتشجيع الرئيس ترامب للقيام بعمل عسكري ضد إيران من أجل أن يخلط الأوراق ويقضي على ما تبقى من الاتفاق النووي أو أي أمل بعودته، ولكن هل يوجد تحركات على الأرض تدل على أن احتمال حدوث الحرب ممكن؟ وهل الخوف من ضربة عسكرية هو السبب بالانهيار الاخير للعملة السورية؟

في الأسابيع الماضية بدأت بعض الحكومات  بتحركات مريبة على الساحتين الدولية والإقليمية، وخاصة في منطقة الشرق الأوسط ابتداءً من زيارة غير مسبوقة لوزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو إلى الجولان السوري المحتل بعد مناورات كبيرة أجرتها القوات الإسرائيلية في الشمال، وتعميم بعض السفارات الغربية لرعاياها في منطقة الشرق الأوسط بأخذ الحيطة والحذر، بالإضافة لقرار ترامب بعزل وزير الدفاع الأمريكي مارك إسبر وتعيين خلفاً له كريستوفر ميلر المعروف بخبرته بالعمليات الخاصة كما أنه شارك في حربي العراق وأفغانستان بالإضافة لمعاداته الشديدة لإيران، وبعيداً عن التحليلات يوجد تصريحات ملفتة لمصادر لها وزن وتأثير ولا يمكن أن تصرح بدون داعي وسبب، فبداية بتصريح صحيفة نيويورك تايمز الأميركية نقلاً عن مسؤولين أمريكيين بأن ترامب بحث مع مستشاريه خيارات توجيه ضربة عسكرية ضد إيران، ويضاف إليه تصريح صحيفة يديعوت أحرونوت بأن ترامب قد يوجه ضربة عسكرية لإيران في الأيام الأخيرة من ولايته.

هذه تصريحات كان لها صدى واضح في إيران فلم يتأخر المسؤولون الإيرانيين ليعلنوا بأنهم سوف يردون على أي اعتداء وبأنهم بالفعل يتوقعون من الأميركيين توجيه ضربة لمنشأتهم في إيران أو دول تشهد وجود إيراني مثل سوريا والعراق ولبنان، وبالنظر للتأثير الإيراني الكبير على الحكومة السورية فمن الطبيعي بأن ما يتوقعه المسؤولون الإيرانيون سوف يتوقع المسؤولين السوريون مثله وكان هذا واضحاً بتصريحات أشخاص بارزين سوريين ولبنانيين ينتمون إلى النظام الإيراني وبالتالي سوف يكون انعكاس هكذا قناعات على الاقتصاد السوري واضحة وكبيرة، فبسبب حالة الرعب من أي ضربة أمريكية لمنشآت الطاقة الإيرانية وبسبب الهلع من تأثير إي عمل عسكري على الوضع الاقتصادي المذري والسيء في إيران فكان من الصعب على الإيرانيين الاستمرار بضخ الدولار في سوريا خاصة وأن تدخلهم العسكري في سوريا أرهق الخزينة العامة وكبد الشعب الإيراني خسائر فادحة لتضاف لما يعانيه من مشاكل اقتصادية واجتماعية وسياسية.

من الواضح بأن الحكومة السورية لن تسطيع التدخل لدعم الليرة لأنها أصلاً لا تمتلك أي سيولة في الخزينة التي استنزفها الفساد قبل الحرب، ومن الواضح أيضاً بأن الدعم الإيراني للنظام في سوريا سوف ينخفض على الأقل حتى يعتقد المسؤولون الإيرانيون بأنهم وصلوا إلى بر الأمان بمغادرة ترامب للبيت الأبيض، وحتى ذلك الوقت فإن الهدوء والترقب هو سيد الموقف في جانب أصبح كلياً تابعاً لطهران ومصيره متعلق بالعلاقات الايرانية الأمريكية، ولذلك توقع بعض الخبراء لليرة السورية المزيد من الانخفاض حتى يتضح ما الذي سوف تستقر عليه الأمور في الشرق الأوسط وخاصة بما يتعلق بالوضع الإيراني الأمريكي.

الدفع

USD