لماذا انخفضت قيمة الليرة التركية وهل تتجه نحو الانهيار الكامل؟

شهدت الليرة التركية خلال الأسبوع الماضي انخفاض أمام الدولار الأمريكي ، وسجلت أدنى سعر صرف لها منذ بداية عام 2021، وقد جاء هذا الانخفاض الأخير نتيجةً لعدة أحداث اقتصادية متتابعة كان أولها رحلة التعافي التي بدأها الاقتصاد الأمريكي ثم ارتفاع عائدات السندات الأمريكية وآخرها كان الكلام المطمئن الذي صرح به جيروم باول “رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي” حيث وضح بأنه ليس قلقاً بشأن عمليات البيع المكثفة الأخيرة في أسواق السندات، وقد تمسك بموقفه المتمثل في إبقاء أسعار الفائدة منخفضة لفترة أطوال بالإضافة للحفاظ على سياسة نقدية مُيسرة إلى أن يقطع الاقتصاد الأمريكي شوطاً طويلاً على طريق التعافي.

هذه الأحداث الاقتصادية الأمريكية بالإضافة لأحداث أخرى عالمية كان لها دور بارتفاع سعر الدولار الأمريكي مقابل جميع العملات، ولكن كان الارتفاع بنسبة أكبر مقابل العملات التي عانت من المشاكل في الفترة الأخيرة مثل الليرة التركية التي تأذت من الاضطراب الذي حصل بالعلاقات بين تركيا من جهة والولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي من جهة ثانية، بالإضافة لتضررها من ارتفاع أسعار السلع الأساسية في الأسواق العالمية والذي أدى لزيادة الحاجة للعملة الصعبة خاصةً وأن تركيا تعتمد بنسبة كبيرة على الاستيراد لتسد احتياجاتها من هذه السلع.

الظروف الاقتصادية التي اجتمعت مع بعضها أدت لارتفاع في قيمة الدولار الأمريكي أمام الليرة التركية، وكما نعلم فإن الليرة التركية تعاني من مشاكل داخلية مثل ارتفاع مستوى التضخم وعجز في الميزان التجاري التركي ونقص كمية العملة الصعبة لدى احتياطي البنك التركي المركزي، وهذه الأسباب أدت لتزايد القلق لدى أصحاب الأموال في تركيا مما دفعهم لتحويل أموالهم إلى الدولار الأمريكي، فمع هبوط سعر أونصة الذهب عالمياً، والأخبار الإيجابية القادمة من الفيدرالي الأمريكي، كان الدولار الأمريكي أفضل الخيارات، وبالتالي تزايد حجم البيع على الليرة التركية وتزايد حجم شراء الدولار الأمريكي في تركيا، وبالتالي المزيد من الهبوط لليرة التركية والمزيد من الارتفاع في قيمة الدولار، وتأثراً بهذه الأسباب مجتمعة وصلت الليرة التركية إلى أدنى مستوياتها منذ بداية عام 2021، حيث وصل سعر صرف الدولار الأمريكي يوم الجمعة 5 آذار إلى مستوى 7.5802 ثم أغلق عند 7.5392.

هل الليرة التركية تتجه نحو الانهيار؟

حتى نعرف إن كانت الليرة التركية تتجه نحو الانهيار أم أن ما يحدث مجرد هبوط تصحيحي أو اضطراب بأداء الليرة التركية، فيجب معرفة إلى أي مدى سوف تستمر الأسباب التي أدت للهبوط وما الذي تملكه الليرة التركية من أدوات للصعود.

معظم أسباب الهبوط الأخير في قيمة الليرة التركية لا تتعلق بالاقتصاد التركي بشكل مباشر، بعضها وليدة ظروف فرضتها جائحة كورونا على العالم، وبعضها نتيجة الاضطراب الحاصل بالعلاقات بين تركيا والولايات المتحدة الأمريكية أو تركيا وأوروبا، فالإغلاق الذي أدى لتراجع الاقتصاد العالمي، والسياسات النقدية التي اعتمدتها البنوك المركزية لتدعم اقتصاداتها، والقلق الذي دفع أصحاب الأموال نحو التحوط كلها أسباب لا تتعلق بالاقتصاد التركي بشكل مباشر، بل بظروف اقتصادية عالمية، ويرجح بعض خبراء الاقتصاد بأنها لن تستمر طويلاً، أما بخصوص العلاقات الأمريكية التركية أو الأوروبية التركية فهي علاقات تخضع لمصالح سياسية اقتصادية بحتة، وحتى إن وصلت لأعلى مراحل التصعيد وتزايد انعكاسها على الاقتصاد التركي، سوف يأتي وقت بظروف معينة تتجه فيه الدول نحو الاتفاق والتسوية وعندها لن يحتاج الاقتصاد التركي الكثير من الوقت حتى يتعافى، ولذلك يرجح بعض المحللون الاقتصاديون بأن الأسباب التي أدت للانخفاض الأخير لن تكون موجودة على المدى البعيد.

ولكن بالطبع يوجد أسباب اقتصادية حقيقة أثرت على الاقتصاد التركي وخنقت الليرة التركية، أهمها العجز بالميزان التجاري وارتفاع مستوى الدين العام في تركيا ونقص كمية العملة الصعبة لدى البنك المركزي التركي، وهذه الأسباب تحتاج لمعالجة فعالة من قبل الحكومة التركية لأنها تتعلق بالاقتصاد التركي بشكل مباشر، وفي حال لم يتم معالجتها سوف تزيد حجم الأزمة الاقتصادية في تركيا  على المدى البعيد، وعندها قد يتجه الاقتصاد التركي نحو انهيار كامل تماماً، وفي الآونة الأخيرة قامت الحكومة التركية بإصلاحات اقتصادية لدعم الاقتصاد التركي مما انعكس بشكل إيجابي على سعر الليرة، وتنتظر الأيام المقبلة المزيد من التحرك الحكومي لاستيعاب الانخفاض الأخير في سعر الليرة واستكمال معالجة المشاكل المتعلقة بالاقتصاد التركي.

التحليل الفني لليرة التركية:

الاتجاه الهابط لليرة التركية بدأ منذ 1 شباط 2013 حيث كان سعر صرف الدولار الأمريكي مقابل الليرة التركية حوالي 1.7630، وبعدها بدأ الدولار الأمريكي بالصعود حتى سجل أعلى مستوى له بتاريخ 1 تشرين الثاني 2020 حيث وصل سعر صرف الدولار الأمريكي مقابل الليرة التركية إلى 8.5615، ليعود بعدها للهبوط إلى مستوى 6.8731 كاسراً بذلك مستوى الدعم 6.9900، ولكن لم ينجح السعر بإغلاق الشهر تحت هذا المستوى فعاد للصعود وأغلق عند 7.4028 مما أعطى المتداولين إشارة إلى أن التصحيح الهابط انتهى واحتمال استكمال الاتجاه الصاعد هو الاحتمال الأرجح خاصةً مع تكون نموذج شمعة المطرقة الخضراء على الشارت الشهري والذي يعتبر نموذج انعكاسي، وبالفعل استكمل الدولار الصعود كاسراً مستوى المقاومة على الشارت اليومي 7.4700، ليواصل الصعود إلى 7.5765 وبعدها يغلق يوم 5 آذار عند سعر 7.5119 ليرة تركية للدولار الواحد.

السلوك السعري للدولار مقابل الليرة التركية يعطي انطباع بأن الدولار سوف يحقق المزيد من الأرباح مقابل الليرة التركية على الأقل في الأيام القادمة، وفي حال نجح الدولار بكسر مستوى المقاومة 7.5230 والإغلاق فوقه، فسوف يكون الهدف القادم بالنسبة للمتداولين عند مستوى المقاومة 7.6900 وبعدها 7.7705

سعر صرف الليرة التركية مقابل الليرة السورية:

بالرغم من تدهور الليرة التركية أمام الدولار الأمريكي والعملات بشكل عام إلى أنها صعدت مقابل الليرة السورية بسبب ضعف الليرة السورية وانخفاض قيمتها نتيجةً لظروف كارثية يعاني منها الاقتصاد السوري.

فقد ارتفع سعر صرف الليرة التركية في دمشق بنسبة 0.39% لتسجل سعر شراء 506 ل.س وسعر مبيع 518 ل.س. ولمزيد من التفاصيل انقر هنا.

سعر الليرة التركية في مدينة دمشق عند إغلاق يوم الجمعة 5 آذار
سعر الليرة التركية في مدينة دمشق عند إغلاق يوم الجمعة 5 آذار

وفي حلب ارتفع سعر صرف الليرة التركية بنسبة 0.79% لتسجل سعر شراء 503 ل.س وسعر مبيع 513 ل.س. ولمزيد من التفاصيل انقر هنا.

سعر الليرة التركية في مدينة حلب عند إغلاق يوم الجمعة 5 آذار
سعر الليرة التركية في مدينة حلب عند إغلاق يوم الجمعة 5 آذار

وفي إدلب ارتفع سعر صرف الليرة التركية بنسبة 0.82% ليسجل سعر شراء 479 ل.س وسعر مبيع 491 ل.س. ولمزيد من التفاصيل انقر هنا.

سعر الليرة التركية في مدينة إدلب عند إغلاق يوم الجمعة 5 آذار
سعر الليرة التركية في مدينة إدلب عند إغلاق يوم الجمعة 5 آذار

الدفع

USD