إلى أين يتجه الذهب؟ وهل إنتاج لقاح كورونا هو بداية الاتجاه الهابط؟

إلى أين يتجه الذهب؟ وهل إنتاج لقاح كورونا هو بداية الاتجاه الهابط؟

لطالما كان المعدن الأصفر هو المؤثر والمتأثر الأكبر بأخبار الاقتصاد العالمي، ارتبط اسمه بجميع العملات ولكنه كان ملاصقاً للدولار حتى نشأت بينهم علاقة عكسية فصعود الأول يعني هبوط الثاني.

في الفترة الماضية شهد العالم اتجاه صاعد قوي لسعر الذهب كان مصاحباً لجائحة كورونا التي أغلقت الأسواق وهزت الاقتصاد العالمي كاملاً فعملت جميع الدول على محاولة إيجاد لقاح لهذا الفايروس من أجل إيقاف الانهيارات الحاصلة في الأسواق العالمية، وفي ظل صعوبة إيجاد اللقاح والهبوط المستمر لأسعار الأسهم والعملات كان الذهب مثل العادة الملاذ الآمن لحماية الأموال من التضخم وخسارة القيمة، فكان الإقبال على شرائه يزيد وبالتالي زيادة ارتفاع السعر.

في الأسابيع الماضية بدأت بعض الشركات الحديث عن أن لقاح فايروس كورونا قد يرى النور قريباً، وبأنه سوف يكون متوفراً لجميع الشعوب، تصريحات جميلة أسعدت من سمعها وبالتأكيد كان لها تأثير إيجابي على الأسواق العالمية، وكان التأثير أوضح عندما صرحت شركة فايزر الأمريكية بالتعاون مع شركة بيونتيك الألمانية عن نجاح التجارب على لقاح كورونا ليدخلوا بذلك سباق المئة متر الأخيرة لإنتاج اللقاح، هبط سعر الذهب في ذلك اليوم وكان هبوط تصحيحي واضح ولكن هل نستطيع القول بأن أسعار الذهب تتجه نحو الهبوط؟ وأن الانخفاض الاخير لم يكن هبوط عابر بل كان بداية اتجاه هابط؟

للإجابة الدقيقة على هذه الأسئلة المهمة يجب دراسة الموضوع من عددت جوانب ولنبدأ بلقاح كورونا.

بعد التصريح الجميل من شركة فايزر وشركة بيونتيك صرح الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن بأن إعلان نجاح التجارب على لقاح كورونا هو إنجاز كبير ولكن التطعيم على نطاق واسع سوف يحتاج لعدة أشهر، وهذا التصريح كان منطقي جداً من بايدن لأن الشركة لم تعلن إنتاج اللقاح، بل أعلنت نجاح التجارب وبالتالي مرحلة الإنتاج لم تبدأ بعد، وحتى لو بدأت الشركة بإنتاج اللقاح يبقى السؤال

كم سوف يحتاج من الوقت هذا اللقاح لكي يصل لجميع الدول ويقضي على جائحة كورونا؟ وهل أثار جائحة كورونا سوف تنتهي بمجرد إنتاج اللقاح؟

من الطبيعي بأن اللقاح سوف يحتاج عدة أشهر ليتم نشره على نطاق واسع، ومن الطبيعي بأن أثار جائحة كورونا لن تنتهي بإنتاج اللقاح، وبالتالي الخبر محدود الإمكانية بالنسبة للفايروس ولذلك كان محدود التأثير بالنسبة لأسعار الذهب، لأنه ببساطة الجائحة التي تسببت بارتفاع أسعار الذهب إلى المستويات الحالية مازالت موجودة والحديث عن نهايتها مازال مبكراً.

أما بما يتعلق بالواقع الاقتصادي العالمي وبالنظر خاصة لحكومات الدول الأقوى اقتصادياً فسوف نرى بأن سياسة ضخ السيولة النقدية في الأسواق هي السياسة المتبعة حاليا من قبل البنوك المركزية وذلك بمحاولة من البنوك المركزية لإنقاذ الأسواق من أثار الركود الاقتصادي بالإضافة لمصلحة هذه الدول من انخفاض سعر العملة لديها بهدف تشجيع الصادرات فكان الإجراء الأكثر انتشاراً بين البنوك المركزية هو خفض أسعار الفائدة مما دفع أصحاب الأموال لعدم وضع أموالهم في البنوك وعدم شراء الدولار بسبب توقعهم بانخفاض قيمته كنتيجة لضخ الحكومة الأمريكية كمية كبيرة من الدولار في السوق، وبالتالي الاتجاه بأموالهم نحو الذهب لحمايتها من التضخم.

أما بما يخص التحليل الفني فعند النظر للرسم البياني لأسعار الذهب سوف تجد أن السعر اليوم يواجه دعم قوي فهو يتحرك عند المتوسط المتحرك لـ200 يوم وبالتالي قد يرى المضاربين والمستثمرين بأنها فرصة ممتازة للشراء وبأن المتوسط المتحرك لـ200 يوم هو نهاية التصحيح الهابط للذهب وبداية حركة صعود جديد، خاصة وأن المتوسط المتحرك لـ 200 يوم مرجع قوي بالنسبة للمستثمرين على المدى الطويل والمتوسط.

بالنهاية من المؤكد بأن الأيام القادمة تحمل الكثير من المفاجآت، وفي عالم المال والاقتصاد كل شيء متوقع، ولكن يوجد قاعدة تقول بأن الخبر الاقتصادي لا يصنع اتجاه حقيقي، ربما يكون للخبر تأثير كبير وسريع على الأسواق والأسعار ولكن هذا التأثير يختفي بنفس السرعة التي حصل بها لتعود الامور بعده إلى ما كانت عليه قبله، وبالنظر أيضاً إلى تاريخ الذهب فنجد بأنه لطالما كان القائد العام لجميع العملات والأقوى بينهم ولم يكن الذهب في يوم من الأيام استثماراً خاسراً على المدى البعيد.

الدفع

USD