منذ اندلاع الحرب الأهلية السورية، تعرض الاقتصاد السوري لعقوبات اقتصادية ضخمة تقيد التجارة حيث عانى الاقتصاد السوري من تضخم مفرط مرتبط بالصراع، كما يعد معدل التضخم السنوي في سوريا من أعلى المعدلات في العالم، إذ أن العملة الوطنية، الليرة السورية، تراجعت في منتصف عام 2020 مقابل الدولار الأمريكي.
وارتفعت أسعار السلع الأساسية بشكل كبير بالإضافة إلى اختفاء بعض السلع الأساسية من السوق حيث كافح التجار والجمهور لمواكبة ارتفاع تكاليف المعيشة.
من الصعب تحديد تأثير سنوات الصراع والحرب على الاقتصاد السوري، كما لا يمكن للتحليل الإحصائي أن ينقل بشكل مناسب حجم الدمار البشري والاقتصادي الذي أحدثته الحرب.
فقد تقلص الاقتصاد السوري بأكثر من 50 في المائة من حيث القيمة الحقيقية منذ عام 2011، وتأتي أكبر الخسائر في الإنتاج في قطاعي الطاقة والتصنيع. كما أن إنتاج الغذاء انخفض بشكل حاد نتيجة للصراع.
وعلى الرغم من أن الحرب السورية لم تنته بعد، فقد أصبحت مسألة إعادة الإعمار حاضرة في كل مكان في النقاشات حول سوريا.
أظهرت دراسة للموسوعة العربية للرئاسة السورية أن اقتصاد الحرب وعسكرة الاقتصاد سادت سوريا منذ فترة طويلة، حتى قبل اندلاع الأزمة، وقد تجاوزت نفقات الدفاع بشكل كبير المخصصات التي كان من الممكن أن تخصصها سوريا للتنمية منذ ذلك الحين.
- الآثار السلبية للحرب على الإقتصاد السوري:
سلط تقرير صدر عام 2014 عن المركز السوري للبحوث السياسية (SCPR) التابع لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين (الأونروا) الضوء على عدد من الحقائق، بما في ذلك:
- تراجعت التنمية البشرية السورية لأكثر من أربعة عقود خلال النزاع.
- تراجع مؤشر التنمية البشرية إلى 0.472 بنهاية عام 2013، مقارنة بـ 0.646 في عام 2010.
- تراجع سوريا من مجموعة الدول ذات التنمية البشرية المتوسطة، إلى مجموعة ذات التنمية البشرية المنخفضة، نتيجة لضعف الأداء في التعليم والصحة والدخل.
بالإضافة إلى ذلك، قدر تقرير المركز السوري للبحوث السياسية لعام 2015 إجمالي الخسائر الاقتصادية التي تكبدتها سوريا منذ بداية الصراع وحتى نهاية عام 2014 بمبلغ 202 مليار دولار، أي ما يعادل 383٪ من إجمالي الناتج المحلي لعام 2010 بالأسعار الثابت.
كم تسلط الأرقام المحدثة دوريًا لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) الخاصة باللاجئين السوريين الضوء على ما أطلق عليه تقرير SPCR “الكارثة السورية”. ففي واقع الأمر، توفر تحديثات المفوضية للباحثين مؤشرات مهمة حول الآثار الاقتصادية للحرب وإدارة الاقتصاد في أوقات الحرب. وقد أظهرت أرقام المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أنه بحلول فبراير 2015 ، كان حوالي ربع اللاجئين السوريين البالغ عددهم 3.8 مليار لاجئًا في فئة سن العمل (ثمانية عشر إلى تسعة وخمسين عامًا) ويحتاجون إلى مساعدة إجمالية قدرها 3.7 مليار دولار.
- تعامل الحكومة السورية مع الاقتصاد في ظل الحرب:
لإلقاء نظرة من الداخل على كيفية تعامل الحكومة السورية مع الاقتصاد في ظل الحرب، يجدر إعادة النظر في الاستعدادات السابقة للحكومة لمثل هذه الظروف. فحسب الموسوعة العربية، إن نفقات الدفاع في سوريا كانت عالية منذ زمن طويل، وهي تمثل أكثر من 12 في المائة من الميزانية العامة للدولة في أوقات السلم، وأكثر من 25 في المائة في حالة الحرب أو التعبئة العامة.
ففي دراسته المنفصلة للأونروا والتي نُشرت في مارس 2015، أظهر المركز السوري للبحوث السياسية أن الاستثمار العام والخاص انخفض إلى حوالي 10.8٪ من الناتج المحلي الإجمالي نتيجة للحرب السورية، بينما ارتفع الإنفاق العسكري الحكومي خارج الميزانية إلى 13٪ من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2014.
وظهرت آثار العقوبات الاقتصادية بوضوح في السنة الثانية من الأزمة، فقد تأثرت موازنة الدولة بشكل كبير بهروب رؤوس الأموال وتدمير وإغلاق المنشآت، فضلاً عن تفشي البطالة، حيث سجلت سوريا معدل نمو متراجعًا بنسبة -22٪ في نهاية عام 2013.
عملت الحكومة السورية على اصدار عدداً من القرارات في محاولة منها لتجنب الخسائر والحفاظ على بقائها وتأمين التمويل الذي من شأنه إدامة الدعم الاقتصادي لنهجها الرسمي تجاه الأزمة. بالإضافة إلى خفض الميزانية العامة، حددت سلسلة من إجراءات خفض التكاليف. وأمرت بتخفيض استخدام المركبات الحكومية، التي شهدت حصتها الشهرية من عقد الوقود، وأطلقت حملات توعية حول ترشيد الطاقة والورق، تتطلب، على سبيل المثال، استخدام كلا الجانبين من الورق في المؤسسات العامة.
كما لجأت الحكومة السورية إلى حلول أخرى للحفاظ على تماسك الإقتصاد السوري في ظل الحرب، بمحاولاتها للدخول في اتفاقيات مع إيران وبدء التعاون مع مجموعة دول البريكس، التي تتألف من البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا، إلى جانب الجهود المنسقة للالتفاف على العقوبات الاقتصادية.