قبل أن تبدأ الحرب السورية، كان امتلاك عقار في سوريا أمر متاح. حيث كانت القوة الشرائية لليرة السورية في ذروتها وكان متوسط دخل الأسرة حوالي 60,000 ل.س والتي كانت تعادل 1,200 دولار فقد كان سعر الدولار حينها حوالي 50 ل.س. وفي تلك الفترة كان بالإمكان شراء عقار بمواصفات جيدة وموقع جيد بمبلغ مليون ليرة فقط (20,000 دولار عندما سعر الدولار 50 ل.س). كما كانت عروض تقسيط أسعار العقارات تتزاحم في سوق العقارات. فكان النمو الاقتصادي واستقرار سعر الصرف مشجع للتجار والمستثمرين بأن يبيعوا البيوت والعقارات بالتقسيط ولكن بعد الحرب وبعد الانهيار الاقتصادي كيف أصبح واقع العقارات في سوريا؟
التضخم يخنق سوق العقارات:
يعتبر انخفاض سعر الليرة السورية أمام الدولار من أهم الأسباب التي دفعت أسعار العقارات للتحليق في سوريا. حيث تراجعت القوة الشرائية لليرة السورية وتراجع متوسط الدخل، الأمر الذي دفع أسعار العقارات للتحليق بشكل مبالغ فيه. فالعقار الذي كان سعره 20,000 دولار والتي كانت تساوي 1,000,000 ليرة عند سعر 50 ل.س للدولار الواحد في ذلك الحين. أصبح يساوي 60,000,000 ليرة اذا اعتبرنا بأن سعر الدولار 3000 ليرة. هذا في حال ثبات سعر العقار وعدم ارتفاعه حيث أن معظم العقارات ارتفع سعرها عما كانت عليه. بينما متوسط الدخل بقي ثابتاً بالعملة السورية أو انخفض الأمر الذي أدى إلى تلاشي القوة الشرائية للمواطن السوري.
انخفاض العرض وحركة النزوح إلي بعض المدن رفعت أسعار العقارات بشكل كبير:
ليس التضخم هو السبب الوحيد الذي أدى لارتفاع أسعار العقارات في سوريا. فالحرب التي دمرت الكثير من البيوت والمنازل خفضت عرض العقارات ورفعت سعرها. حيث أن سوق العقارات مثل جميع الأسواق التي تخضع للعرض والطلب. وبسبب دمار الكثير من المنازل في المدن السورية، وزيادة حركة النزوح لمناطق ومدن اخر. زاد الطلب على العقارات وبالتالي ارتفعت الأسعار بشكل كبير.
ارتفاع أسعار مواد البناء وتوقف الإعمار خفف العرض ورفع السعر:
الارتفاع المتزايد الذي شهدته مواد البناء في سوريا، رفع تكاليف البناء بشكل كبير. وأوقف عملية الإعمار حيث أصبحت تكاليف بناء واكساء شقة أكثر من سعرها. الأمر الذي تسبب بأزمة بسوق العقارات وكان أحد أسباب انخفاض العرض وارتفاع السعر.
توقف الاستثمار بسوق العقارات بسبب فقدان الثقة بالاقتصاد السوري:
تراجع الثقة بالاقتصاد السوري كان له أثر سلبي مباشر على الاستثمار في سوريا، ومن ضمن الأسواق التي تأثرت هو سوق العقارات، حيث توقفت جميع الأعمال المرتبطة به. فلم يتم افتتاح مشاريع إنتاجية لإنتاج مواد البناء. ولم يتم البدء بمشاريع إعماريه كبيرة تنشط سوق العقارات.
أسعار العقارات في سوريا حالياً:
تختلف الأسعار في سوريا بحسب المدينة والموقع والمواصفات ولكن إذا أخذنا العاصمة دمشق كمثال فأسعار بعض العقارات تجاوزت الـ 10 مليار ليرة سورية في مناطق مثل مشروع دمر. وسجلت 2 مليار في مناطق مثل منطقة الميسات و شارع 29 أيار. وبالعشوائيات على أطراف دمشق يصل سعر الشقة 100 متر إلى 35 مليون ليرة. (طبعاً هذه الأسعار متغيرة يومياً ومن الصعب معرفة السعر الحقيقي لأي عقار إلا لحظة الشراء والبيع وذلك بسبب عدم استقرار سعر الصرف)، وفي باقي المدن السورية الحال مشابه. فالأسعار بشكل عام مرتفعة جداً مما تسبب بحالة من الجمود شبه الكامل بحركة بيع وشراء العقارات.
كيف تأثرت أسعار الإيجارات في سوريا بارتفاع أسعار العقارات؟
أثر ارتفاع أسعار العقارات في سوريا على أسعار الإيجارات بشكل سلبي تماماً. وتسبب بارتفاعها بشكل جنوني. الأمر الذي أدى لأزمة حقيقية للكثير من العائلات والأسر حيث أن إيجار شقة لمدة شهر يعادل أكثر من متوسط دخل الأسرة وإضافةً لذلك فإن أصحاب الشقق يطالبون بالدفع مسبقاً لمدة 6 أشهر وأحياناً أكثر.