بدأت تركيا مؤخراً بتقليل المياه الواردة إلى سوريا عبر نهر الفرات. الأمر الذي أدى إلى انخفاض منسوب المياه في نهر الفرات 5 أمتار للمرة الأولى في تاريخه. وجفاف نهر الخابور وروافده. وبالتالي منع المياه عن المزارعين السوريين وتدمير محاصيلهم بالكامل بسبب توقف جميع مشاريع الري. بالإضافة لتقليل المياه الواصلة إلى العراق الأمر الذي الحق ضرر كبير بالأراضي الزراعية العراقية.
كما وقد أدى حبس تركيا لحصة سوريا من المياه إلى انقطاع الكهرباء عن مساحات واسعة في سوريا بسبب عدم القدرة على تشغيل سد تشرين للحصول على الطاقة الكهربائية.
تركيا تخرق الاتفاقية التي وقعت عليها مع سوريا:
لطالما كانت مشكلة تقاسم المياه في نهري الفرات ودجلة قائمة بين تركيا وسوريا والعراق. ولطالما اعترضت سوريا والعراق على الخنق التركي للنهرين. من خلال إقامة السدود عليهما بما يخالف القوانين الدولية الأمر الذي الحق الضرر بالكثير من المزارعين والفلاحين السوريين والعراقيين. ولكن بعد العديد من المباحثات توصلت سوريا وتركيا إلى اتفاقية تقاسم للمياه تم توقيعها في عام 1987. والتي نصت على ألا يقل الوارد المائي في نهر الفرات من تركيا إلى سورية عن 500 متر مكعب في الثانية. وفي عام 1989 تم توقيع اتفاقية بين سوريا والعراق تنص على أن تكون حصة العراق 58% وحصة سوريا 42%.
تركيا حالياً قامت بخرق واضح للاتفاقية التي وقعتها مع سوريا. حيث خفضت حصة سوريا من المياه من 500 متر مكعب في الثانية إلى 200 متر مكعب في الثانية. الأمر الذي اثر بشكل مباشر على كمية المياه الواصلة إلى العراق. وفي حال استمرار هذا التخفيض فسوف يواجه ملايين السوريين والعراقيين كارثة إنسانية واقتصادية خانقة. فلن يتمكنوا من إيجاد مياه للشرب أو الري كما أنهم سوف يفقدون الكهرباء بشكل شبه كامل.
تركيا تعتبر بأن نهر الفرات نهر تركي وليس دولي وتمنع المياه عن ملايين السوريين والعراقيين:
على الرغم من الاتفاقية التي وقعتها تركيا مع سوريا في عام 1987 بخصوص تقاسم مياه الفرات إلى أن السلوك التركي لم يحترم هذه الاتفاقية. فبدأت تركيا بإقامة سدود ومشاريع على نهر الفرات بالإضافة لتغيير مجرى بعض الأنهر. واستمر المسؤولون الأتراك بالادعاء بأن نهر الفرات نهر تركي وليس دولي. معتبرين بأن حبس حصة سوريا من نهر الفرات وقطع المياه عن ملايين السوريين والعراقيين هو حق شرعي لتركيا.
الحكومة التركية تبرر بأنها تحتاج المياه:
اعتبر المسؤولون الأتراك بأن تركيا خفضت كمية المياه التي تدخل سوريا بسبب حاجتها لهذه المياه. وصرحوا بأن سوريا لم تكن تشتكي من قلة المياه في السنوات التي كانت تسجل معدلات هطول أمطار مرتفعة. ولكن عندما تقل الأمطار تزداد حاجة تركيا للمياه فينخفض منسوب نهر الفرات وعندها تبدأ الحكومة السورية بالاعتراض.
إضافةً لذلك وجه المسؤولون الأتراك اتهامات مباشرة للحكومة السورية. حيث اعتبروا بأن الحكومة السورية لم تستفد من الأمطار التي كانت تهطل في سوريا في السنوات السابقة. معتبرين بأنه كان يجب على الحكومة السورية الانتباه لمشكلة المياه وإقامة مشاريع وسدود تضمن لسوريا استثمار جيد للأمطار التي تهطل في أراضيها.
مسؤولون عراقيون استنكروا تصرفات الحكومة التركية:
استنكر المسؤولون العراقيون تصرفات وتصريحات المسؤولين الأتراك والجهات الحكومية في تركيا التي قالت بأن “تركيا لديها المياه والعراق لديه النفط، نبيع المياه للعراق ونشتري النفط منه”. حيث اعتبر المسؤولون العراقيون بأن هذه التصريحات غير مقبولة وبأنها تخالف القوانين الدولية التي تفرض على الدول قوانين محددة تنظم طريقة تعامل الدولة مع المياه التي تنبع من أراضيها خاصةً إن كانت تصب في دول أخرى مؤكدين على ضرورة تطبيق القوانين الدولية التي تفرض على تركيا احترام حصة سوريا والعراق من مياه نهري الفرات ودجلة والتي تعمل تركيا حالياً على خنقهم من خلال حجز المياه داخل السدود التركية.
كما وقد اتهم المسؤولون العراقيون تركيا بأنها تحاول منع العراق من الوصول إلى الاكتفاء الذاتي وتحقيق الأمن الغذائي بما يخص الزراعة لأنه في حال حقق العراق ذلك سوف يقلل من حجم استيراد المنتجات الزراعية من تركيا الأمر الذي لا ترغب تركيا بحدوثه.
انتقادات شديدة وجهها ناشطون إلى الحكومتين السورية والعراقية بسبب التخاذل في حماية حق الشعبين السوري والعراقي:
وجه ناشطون سوريون وعراقيون وعرب انتقادات شديدة للحكومتين السورية والعراقية لأنهم لم يتحركوا بشكل دولي ولم يطالبوا المنظمات الدولية بالتدخل لحل أزمة مياه الأنهر مع تركيا. في حين كان عليهم تحويل الأزمة من إقليمية إلى دولية أو على الأقل إدخال وسطاء دوليين لحلها خاصةً وأنها أزمة إنسانية بالدرجة الأولى تهدد ملايين السوريين والعراقيين. واستشهد الناشطون بالتفاعل المصري مع سد النهضة. فقد تحركت مصر بشكل دولي واسع جداً لحماية أمنها المائي والغذائي من تهديد سد النهضة قبل أن يتم الانتهاء من بنائه.
واعتبر الناشطون والحقوقيون العرب بأنه على الرغم من إدانة ما تقوم به الحكومة التركية من تعطيش للشعبين السوري والعراقي والتسبب بكارثة إنسانية غذائية اقتصادية لهما. إلا أنها تقوم بما هو يتناسب مع مصلحة الشعب التركي. في حين ماذا فعلت كل من الحكومتين السورية والعراقية لتدافعان عن الشعبين السوري والعراقي من هذه الكارثة المائية والغذائية؟!
وتساءل الناشطون أليست حماية الشعب السوري هي مسؤولية الحكومة السورية وحماية الشعب العراقي هي مسؤولية الحكومة العراقية؟!!
أطلقوا حصة سوريا من مياه نهر الفرات:
أطلق ناشطون حملة شعبية بعنوان “أطلقوا حصة سوريا من مياه نهر الفرات” وقد طالبت الحملة المجتمع الدولي بالتحرك بشكل عاجل لمنع تركيا من تعطيش ملايين السوريين والعراقيين وتدمير آلاف الهكتارات الزراعية في سوريا والعراق وبالتالي حدوث كارثة إنسانية غذائية بيئية كبرى.