مع الانقسام الطبقي الكبير الذي يشهده المجتمع السوري، تنقسم الأسواق والبضائع، فلم يعد مستغرباً لدى السوريين رؤية ألبسة أو أحذية أو ساعات سعر القطعة منها يعادل راتب 15 موظف، ولو سألت أي تاجر عن سبب هذه التسعيرة الباهظة سوف يقول لك بصوت يملؤه الفخر بأنها أجنبية وبجودة ممتازة.
تمتلئ أسواق الشريحة الغنية في سوريا بالبضائع الانكليزية والإيطالية والفرنسية وحتى الأمريكية، وبالرغم من العقوبات المفروضة على سوريا وصعوبة استيراد البضائع والسلع إما بسبب العقوبات المفروضة أو بسبب قرار حكومي يمنع استيرادها بسبب اعتقاد الحكومة بأن عدم استيرادها سوف ينعكس على الاقتصاد السوري بشكل إيجابي وبأنها ليست مواد أساسية، ولكن بجولة بسيطة على الأسواق في سوريا سوف تجد كل ما تعتقد بأنه لا يدخل إلى سوريا، لتدرك مدى نشاط حركة التهريب في بلد ربما موقعه الجغرافي منحه امتياز في ظل عقوبات اقتصادية مفروضة عليه، ولا يقتصر تهريب البضائع على سلع محددة، فقائمة المهربات تتسع لتشمل كل ما يمكن بيعه من الأحذية والألبسة والدخان ومواد التجميل وكل شيء يعتقد المهربين بأن المستهلك في سوريا سوف يطلبه، وكلما اتسعت قائمة السلع الممنوع استيرادها تتسع معها قائمة المواد المهربة التي تملأ الأسواق السورية بما تجلبه معها من غش وتزوير وضرر للاقتصاد السوري، لتعرف مدى انتشار شبكات التهريب في سوريا وراحتهم بممارسة دورهم في هدم ما تبقى من الاقتصاد السوري.
تكمن خطورة انتشار التهريب في سوريا بأنه غير خاضع لأي معايير، فهو يساهم في زيادة الغش من خلال تقديم السلع على أنها ذات جودة ممتازة وهي بالحقيقة رديئة الصنع والمنشأ، كما يسهل بيعها على أنها من ماركة أجنبية أصلية وتكون في الواقع مقلدة وغير أصلية، وفي بعض الأحيان تكون الخطورة متعلقة بمواد يجب أن يتم تخزينها بشروط معينة ولكن أثناء التهريب لا يتم مراعاة هذه الشروط مثل الأدوية والمواد الغذائية.
بحسب ما يقال في المجتمع السوري فإن شبكات التهريب معروفة جيداً وتتمتع بحماية عالية فلا أحد يجرؤ على الاقتراب من أي اسم في قائمة المهربين المعروفين للجميع، ولا يوجد من يجرؤ على منعهم من تدمير الاقتصاد السوري واستنزاف ما تبقى من الدولار في سوريا وبحسب قول السوريين…هنا تكمن الكارثة.