ما حكاية حرب الـ GameStop في وول ستريت؟ (للمرة الأولى في التاريخ حيتان البورصة في أزمة)

ما حكاية حرب الـ GameStop في وول ستريت؟ (للمرة الأولى في التاريخ حيتان البورصة في أزمة)

كيف بدأت الحرب في وول ستريت على شركة GameStop؟

شركة GameStop هي شركة أمريكية متخصصة في ببيع الألعاب والأجهزة الإلكترونية تأثرت كثيراً بجائحة كورونا والإغلاق العام الذي حدث خاصة مع زيادة الاعتماد على التجارة الإلكترونية أو الشراء عن طريق الانترنت مما تسبب لها بخسائر كبيرة، وبالتالي دفع المحللين الاقتصاديين للتوقع بأن سهم شركة GameStop في بداية اتجاه هابط وربما الشركة بحد ذاتها تتجه نحو التلاشي، ولذلك راهن عدد من صناديق التحوط على هبوط سعر سهم GameStop بما يعرف بـ “البيع على المكشوف”، ولكن مجموعة من الأشخاص تناقشوا بالأمر على موقع Reddit وقرروا شراء سهم GameStop لتبدأ بذلك حرب وول ستريت بين هؤلاء الأشخاص من جهة وصناديق التحوط من جهة ثانية.

ما هو البيع على المكشوف؟

البيع على المكشوف هو أن تبيع سهم لا تملكه، ويقوم المستثمرين في البورصة بهذا الإجراء عندما يشعرون بأن سعر سهم شركة معينة سوف يهبط فيقومون باستئجار السهم وبيعه، وعندما يهبط سعر السهم يشترونه مرة ثانية ويعيدونه مع مبلغ معين ويبقى لهم فرق السعر، ولتوضيح الفكرة أكثر سوف نعطي المثال الآتي:

شركة لديها 100 سهم متاحة للتداول في البورصة، سعر السهم 20 دولار أمريكي، يأتي مستثمر ويستأجر 10 أسهم على أن يعيد الأسهم بعد 3 شهور ومعها مبلغ 20 دولار، وبعدها يقوم المستثمر ببيع الأسهم بسعر 20 دولار للسهم والذي يعني 200 دولار لـ 10 أسهم، وبعد 3 أشهر يهبط سعر السهم ويصبح سعره 5 دولار، فيشتري المستثمر الـ 10 أسهم بمبلغ 50 دولار ويعيدها لصاحبها الأساسي بالإضافة لمبلغ الـ 20 دولار أمريكي المتفق عليه (الذي يُعتبر إيجار الأسهم أو سعر الفائدة) وبذلك يكون المستثمر قد ربح 130 دولار أمريكي.

هذا في حال هبط سعر السهم، ولكن لو صعد سعر السهم لكان المستثمر مجبراً على شراء السهم بسعر أعلى من السعر الذي باع فيه وإعادته مع المبلغ المتفق عليه، وبذلك يتحمل المستثمر الخسارة كاملة.

طبعاً هذا مجرد مثال بسيط جداً لمحاولة توضيح معنى البيع على المكشوف، ولكن البيع على المكشوف في البورصة يتم بشكل مختلف قليلاً، فهو يتم بمليارات الدولارات كما أنه محكوم بقواعد معينة، ومن هذه القواعد أن ما شبهناه نحن بتأجير الأسهم يعتبر في البورصة عملية بيع لها وبالتالي عندما يحدث البيع على المكشوف تكون فعلياً الأسهم قد تم بيعها مرتين، المرة الأولى (التي سميناها تأجير الأسهم) تباع بها الأسهم من صاحب الأسهم إلى المستثمر والمرة الثانية تباع الأسهم من المستثمر إلى مستثمرين اخرين، وقد يقوم المستثمرين ببيعها مرة ثالثة وبذلك من الممكن أن يتم بيع نفس الأسهم مرات عديدة وهذا بالضبط سبب الأزمة الحالية في وول ستريت.

كيف ارتفع سعر سهم شركة GameStop متسبباً لحيتان البورصة خسارة كبيرة؟

البيع على المكشوف الذي تم على أسهم شركة GameStop جعل عدد الأسهم المباعة أكثر من العدد الفعلي لأسهم الشركة بكثير، وهذه هي الثغرة التي استغلها صغار المستثمرين، فقد لاحظ الأمر القائمين على صفحة تسمى WallStreetBets على موقع Reddit والتي كانت تضم وقتها حوالي 2 مليون شخص، وبدأوا دعوة الأفراد والمستثمرين الصغار لشراء سهم GameStop ودفعه نحو الصعود (كان سعر سهم GameStop وقتها حوالي 15 دولار فقط مما سهل الأمر على الأفراد)، ونتيجة لشراء السهم وازدياد الطلب عليه بدأ السعر بالصعود التدريجي مما دفع صناديق التحوط لاستشعار الخطر فبدأت بشراء السهم قبل أن يسجل المزيد من الصعود بمحاولة منها لإعادة السهم للمالكين الأساسيين والخروج من الصفقة بأقل خسائر ممكنة، مما دفع سعر السهم للمزيد من الارتفاع نتيجةً لزيادة أوامر الشراء وبذلك وصل سعر السهم لحوالي الـ 500 دولار بعد أن كان سعر السهم حوالي الـ 15 دولار فقط مسبباً خسارة تقدر بمليارات الدولارات لصناديق التحوط التي اقترضت السهم وباعته على المكشوف عند سعر الـ 15 دولار مما جعلها مجبرة على شرائه عند سعر الـ 500 دولار أمريكي وتحمل خسارة مالية كبيرة سببها فرق السعر.

لأول مرة في التاريخ يقع حيتان وول ستريت بأزمة مثل هذه، بعض الفتية من أصحاب الأموال المحدودة وبذكاء عالي جداً تمكنوا من زلزلت البورصة والاقتصاد الأمريكي وتكبيد صناديق التحوط خسائر بمليارات الدولارات، كما أن دور وسائل التواصل الاجتماعي كان أساسياً بهذه الحرب التي قادها القائمون على صفحة WallStreetBets في موقع Reddit حيث تمكنوا من صنع أرباح رائعة لصغار المستثمرين على حساب عمالقة الاستثمار في البورصة.

سطر جديد من التألق والقوة بدأته مواقع التواصل الاجتماعي بهذه الأزمة من خلال تأكيدها على إمكانياتها وقدراتها على خلق الأزمات وصنع الانتصارات، فهذه الأزمة كان من غير الممكن حدوثها لولا سهولة وسرعة التواصل بين ملايين الأشخاص.

الكثير من الأشياء سوف تحملها لنا الأيام القادمة خاصة وأن فقاعة سهم GameStop لم تنفجر بعد ولا أحد يعلم متى ستنفجر، ولكن من المؤكد بأن العاملين في البورصة لن يستهينوا بصغار المستثمرين أو بمواقع التواصل الاجتماعي بعد الأن.

الدفع

USD